للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستحالته، وأنَّ الإلهيّةَ يستحيل ثبوتُها لاثنين كما يستحيل ثبوتُ الرُّبوبيّة لاثنين، فكذلك أبطَلُ الباطل (١) عبادةُ اثنين والتّوكُّلُ على اثنين، بل لا تصلُح العبادةُ إلّا للإله الحقِّ والرَّبِّ الحقِّ، وهو الله الواحد القهّار.

وقد خبَط صاحبُ "المنازل" في هذا الموضع، وجاء بما يرغب عنه الكُمَّل من سادات السّالكين والواصلين إلى الله؛ فقال (٢): (الفكرةُ في عين التّوحيد اقتحامُ بحر الجحود).

وهذا بناءً على أصله الذي أصَّله وانتهى إليه كتابُه في أمر الفَناء، فإنَّه لمَّا رأى أنَّ الفكرةَ في عين التّوحيد تُبعِد (٣) العبدَ من التّوحيد الصّحيح، لأنّ التّوحيد الصّحيح عنده لا يكون إلّا بعد فناء الفكر والمتفكِّر، والفكرةُ تدلُّ على بقاء الرَّسْم لاستلزامها مفكِّرًا وفعلًا قائمًا به، والتّوحيدُ التّامُّ عنده لا يكون مع بقاء رسمٍ أصلًا= كانت الفكرةُ عنده علامةَ الجحود واقتحامًا (٤) لبحره (٥).

وقد صرَّح بهذا في أبياته في آخر الكتاب (٦):

ما وحَّدَ الواحدَ من واحدٍ ... إذ كلُّ مَن وحَّده جاحدُ

توحيدُ مَن ينطق عن نعته ... عاريّةٌ أبطَلَها الواحدُ


(١) ع: "من أبطل الباطل".
(٢) "منازل السائرين" (ص ١٤).
(٣) ضبط في ع بتشديد العين. وفي ج، م، ش: "تقعد".
(٤) هكذا في ع. وفي الأصل وغيره: "واقتحامها"، وغيِّر في ل إلى "لاقتحامها".
(٥) قول المصنف: "لما رأى أن الفكرة ... بحره" مأخوذ من "شرح التلمساني" (١/ ٨٢).
(٦) "المنازل" (ص ١١٣)، وسيأتي شرح المؤلف لها في موضعها (٤/ ٥٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>