للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعلى، فهو كصاحب الروابي. وشبَّه حال صاحب الجمع بحال من على الروابي لعلوِّه وأنَّ (١) الرَّوابي تكشف لمَن عليها القريبَ والبعيد، وصاحب الجمع تُكشَف له الحقائق المحجوبة عن صاحب التفرقة.

إذا عرف هذا، فمعنى كونها برزخًا: أنَّ السالك يكون في أوَّل سلوكه في أودية التفرقة، سائرًا إلى روابي الجمع، فيستقيم في طريق سيره غايةَ الاستقامة ليصل باستقامته إلى روابي الجمع، فاستقامته برزخٌ بين تلك التفرقة التي كان فيها وبين الجمع الذي يؤمُّه ويقصده. وهذا بمنزلة تفرقة المقيم في البلد في أنواع التصرُّفات؛ فإذا عزم على السفر، وخرج وفارق البلد، واستمرَّ على السير= كان طريق سفره برزخًا بين البلد الذي كان فيه والبلد الذي يقصده ويؤمُّه.

فصل

قال (٢): (وهي على ثلاث درجاتٍ. الدرجة الأولى: الاستقامة على الاجتهاد في الاقتصاد، لا عاديًا رسم العلم، ولا متجاوزًا حدَّ الإخلاص، ولا مخالفًا نهج السُّنّة).

هذه الدرجة تتضمّن ستَّة أمورٍ: عملًا، واجتهادًا فيه وهو بذل المجهود، واقتصادًا وهو السُّلوك بين طرفي الإفراط والجورِ على النُّفوس والتفريط بالإضاعة، ووقوفًا مع ما يرسمه العلم لا وقوفًا مع دواعي الحال (٣)، وإفرادَ


(١) ع: «ولأَنَّ».
(٢) «المنازل» (ص ٣٣).
(٣) ع: «داعي الحال».

<<  <  ج: ص:  >  >>