للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخوف يتعلّق بالأفعال، والمحبَّة تتعلّق بالذات والصِّفات، ولهذا تتضاعف محبَّة المؤمنين لربِّهم إذا دخلوا دار النعيم، ولا يلحقهم فيها خوفٌ، ولهذا كانت منزلة المحبَّة ومقامُها أعلى وأرفعَ من منزلة الخوف ومقامه.

والخوف المحمود الصادق: ما حال بين صاحبه وبين محارم الله، فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط.

قال أبو عثمان - رضي الله عنه - (١): صدق الخوف هو الورع عن الآثام ظاهرًا وباطنًا.

وسمعت شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - يقول: الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله.

وقال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (٢): (الخوف هو الانخلاع من طمأنينة الأمن بمطالعة الخبر).

يعني: الخروجَ عن سكون الأمن باستحضار ما أخبر الله به من الوعد والوعيد.

قال: (وهو على ثلاث درجاتٍ، الدرجة الأولى: الخوف من العقوبة، وهو الخوف الذي يصحُّ به الإيمان، وهو خوف العامَّة، وهو يتولَّد من تصديق الوعيد، وذكر الجناية، ومراقبة العاقبة).

الخوف مسبوقٌ بالشُّعور والعلم، فمُحالٌ خوف الإنسان ممَّا لا شعور له


(١) الحِيري، أسنده عنه القشيري (ص ٣٥٢).
(٢) (ص ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>