للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الحديث الآخر ــ وأظنُّه في «المسند» (١) ــ: «إنّ من الخُيلاءِ ما يُحِبُّها الله، ومنها ما يُبغِضها، فالخيلاء التي يحبُّها الله: اختيال الرّجل في الحرب، وعند الصّدقة». فانظر كيف صارت الصِّفة المذمومة عبوديّةً؟ وكيف استحال القاطعُ مُوصِلًا؟

فصاحبُ الرِّياضات والعاملُ (٢) على قطعِ أصول هذه الصفات مجتهدٌ على قطع مادة الخُيلاء والكِبر، وهذا قد أقرَّها في موضعها وأعدَّها لأقرانها، وهو مصرِّفٌ لها في مصرفٍ يُعينه (٣) على مطلبه يُوصِله إليه.

وكذلك خُلق الحسد فإنه لا يُذَمّ، وهو كالصَّدفَة لدُرَّة الغِبطة والمنافسة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث (٤) الصحيح (٥): «لا حسدَ إلا في اثنتين: رجلٌ آتاه الله مالًا فسلَّطه على هَلكَته في الحق، ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف (٦) النهار». فالحسد يُوصِل إلى المنافسة التي يحبُّها الله ويأمر بها في قوله: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: ٢٦]، فلا


(١) رقم (٢٣٧٤٧، ٢٣٧٥٠، ٢٣٧٥٣) من حديث جابر بن عتيك. وأخرجه أيضًا أبو داود (٢٦٥٩) والنسائي (٢٥٥٨) وغيرهما. وفي إسناده ابن جابر، وهو مجهول. وله شاهد من حديث عقبة بن عامر الجهني في «المسند» (١٧٣٩٨)، وفي إسناده ضعف، لكن بمجموع الحديثين ينجبر الضعف ويتحسن الحديث.
(٢) بعدها سقط كبير في طبعة الفقي قرابة أربع صفحات.
(٣) ل: «بعينه».
(٤) «الحديث» ليست في د.
(٥) أخرجه البخاري (٥٠٢٥، ٥٠٢٦، ٧٥٢٩) ومسلم (٨١٥) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.
(٦) «أطراف» ليست في ش، د.

<<  <  ج: ص:  >  >>