للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعدائه، فأوجب (١) له ذلك المزيد من الأحوال.

ثمَّ بين القلب وبين الرّبِّ مسافة، وعليها قطَّاعٌ تمنع وصول العمل إليه، من كبرٍ وإعجابٍ وإدلالٍ، ورؤية العمل ونسيان المنَّة، وعللٍ خفيَّةٍ لو استقصى في طلبها لرأى العجب، ومن رحمة الله سَتْرُها على أكثر العُمَّال، إذ لو رأوها وعاينوها لوقعوا فيما هو أشدُّ منها، من اليأس والقنوط، والاستحسار وترك العمل، وخمود العزم وفتور الهمَّة. ولهذا لمّا ظهرت «رعاية أبي عبد الله الحارث بن أسدٍ المحاسبيِّ» (٢) واشتغل بها العبَّاد عطِّلت منهم مساجد كانوا يَعْمُرونها بالعبادة. والطّبيب الحاذق يعلم كيف يَطُبُّ النُّفوس، فلا يعمر قصرًا ويهدم مصرًا.

فصل

قال (٣): (وإنّما يستقيم الرُّجوع إليه حالًا بثلاثة أشياء: بالإياس من عملك، وبمعاينة (٤) اضطرارك، وشَيْم برقِ لطفه بك).

الإياس من العمل يفسَّر بشيئين:


(١) ل، ج، ن، ع: «وأوجب».
(٢) وهو مطبوع. ألَّفه جوابًا لمن سأله عن الرعاية لحقوق الله عز وجل والقيام بها. وقد فصَّل فيه في ذكر الآفات التي تعرض للعلم والعمل تفصيلًا مطوَّلًا حيث عقد أبوابًا كثيرة في الرياء والعجب والغِرَّة (أي: الاغترار) وأسبابها وصورها وعلاماتها وأحوال الناس فيها، مما قد يجعل القارئ تفتر همَّته ويترك العمل مخافة الوقوع في تلك الآفات.
(٣) «منازل السائرين» (ص ١٣).
(٤) ج، ن: «ومعاينة»، وهو لفظ «المنازل»، والمثبت من سائر النسخ موافق للفظ المتن في «شرح التلمساني» (ص ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>