للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شريك له، وخلعِ كلِّ ما يُعبَد من دونه، فهو التَّوحيدُ الإراديُّ الطّلبيُّ. وإمّا أمرٌ ونهيٌ وإلزامٌ بطاعته وأمره ونهيه، فهي حقوق التّوحيد ومكمِّلاته. وإمّا خبرٌ عن إكرامه لأهل توحيده وطاعته، وما فعَل بهم في الدُّنيا، وما (١) يُكرمهم به في الآخرة؛ فهو جزاء توحيده. وإمَّا خبرٌ عن أهل الشِّرك، وما فعَلَ بهم في الدُّنيا من النَّكال، وما يحُلُّ بهم في العقبى من العذاب؛ فهو جزاءُ مَن خرج عن حكم التّوحيد.

فالقرآن كلُّه في التّوحيد وحقوقه وجزائه، وفي شأن الشِّرك وأهله وجزائهم. فـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ} توحيدٌ، {رَبِّ الْعَالَمِينَ} توحيدٌ، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} توحيدٌ، {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} توحيدٌ، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} توحيدٌ، {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} توحيدٌ، {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} توحيدٌ متضمِّنٌ لسؤال الهداية إلى طريق أهل التّوحيد الذين أُنْعِمَ عليهم {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} الذين فارقوا التّوحيد.

ولذلك شهد الله لنفسه بهذا التّوحيد، وشهدت له به ملائكتُه وأنبياؤه ورسله. قال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٨ - ١٩]. فتضمّنت هذه الآية الكريمة إثباتَ حقيقة التّوحيد، والرَّدَّ على جميع هذه الطَّوائف، والشّهادةَ ببطلان أقوالهم ومذاهبهم. وهذا إنّما يتبيَّن بعد فهم الآية وبيان ما تضمَّنته من المعارف الإلهيّة والحقائق الإيمانيّة (٢).


(١) بعدها في ش، د زيادة: «هو».
(٢) المؤلف صادر فيما يأتي من كلامه على الآية عن تفسير شيخه لها. انظر: «مجموع الفتاوى» (١٤/ ١٦٨ - ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>