للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحينئذٍ فنقول في الوجه الثاني والستِّون (١): حال الراضي المسلِّم ينتظم حاليهما جميعًا، مع زيادة التسليم وترك الاختيار، فإنَّه قد غاب بمراد ربِّه منه من إحيائه وإماتته عن مراده هو من هذين الأمرين. وكلُّ محبٍّ فهو مشتاقٌ إلى لقاء حبيبه، مؤثرٌ لمرضاته (٢)؛ فقد أخذ بزمام كلٍّ من المقامين، واتَّصف بالحالين، وقال: أحبُّ ذلك إليَّ أحبُّه إليه، لا أتمنَّى غير رضاه، ولا أتخيَّر عليه إلَّا ما يحبُّه ويرضاه. وهذا القدر كافٍ في هذا الموضع. وبالله التوفيق.

فلنرجع إلى شرح كلامه (٣).

قال: (الثاني: سقوط الخصومة مع الخلق).

يعني: أنَّ الرِّضا إنَّما يصحُّ بسقوط الخصومة مع الخلق، فإنَّ الخصومة تنافي حال الرِّضا، وتنافي نسبة الأشياء كلِّها إلى من بيده أزمَّة القضاء والقدر. ففي الخصومة آفاتٌ:

أحدها: المنازعة التي تضادُّ الرضا.

الثّاني: نقص التوحيد بنسبة ما يخاصم فيه إلى العبد (٤) دون الخالق (٥).

الثّالث: نسيان الموجِب والسبب الذي جرَّ إلى الخصومة. فلو رجع


(١) كذا في النسخ. وفي المطبوعات: «الثاني والستين».
(٢) ع: «لمراضيه».
(٣) عن الرضا عن الله عز وجل، وأنه يصح بثلاثة شروط، أولها: استواء الحالات عند العبد، وهو الذي أطال المؤلف في شرحه من (ص ٥٢٥) إلى هنا.
(٤) ع: «عبدٍ».
(٥) زاد في ع: «لكل شيء».

<<  <  ج: ص:  >  >>