للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويسمّى الأوّل: التّوحيد العلميّ، والثّاني: التّوحيد القصديّ الإراديّ؛ لتعلُّق الأوّل بالأخبار والمعرفة، والثّاني بالقصد والإرادة. وهذا الثّاني أيضًا نوعان: توحيدٌ في الرُّبوبيّة، وتوحيدٌ في الإلهيّة. وهذه ثلاثة أنواع.

فأمّا توحيد العلم، فمداره على إثبات صفات الكمال، وعلى نفي التّشبيه (١) والمثال والتّنزيه عن العيوب والنّقائص. وقد دلّ على هذا شيئان: مجملٌ، ومفصّلٌ.

فأمَّا المجمل، فإثبات الحمد لله سبحانه. وأمّا المفصّل، فذكر صفة الإلهيّة، والرُّبوبيّة، والرّحمة، والملك. وعلى هذه الأربع مدار الأسماء والصِّفات.

فأمّا تضمُّن الحمد لذلك، فإنَّ الحمدَ يتضمَّن مدحَ المحمود بصفات كماله ونعوت جلاله، مع محبّته والرِّضا عنه والخضوع له. فلا يكون حامدًا مَن جَحَد صفاتِ الممدوح، ولا من أعرض عن محبّته والخضوع له. وكلَّما كانت صفات كمال الممدوح أكثر كان حمده أكمل، وكلَّما نقَص من صفات كماله نقَص من حمده بحسبها. ولهذا كان الحمد كلُّه لله حمدًا لا يحصيه أحدٌ سواه، لكمال صفاته وكثرتها. ولهذا لا يحصي أحدٌ من خلقه ثناءً عليه، لما له من صفات الكمال ونعوت الجلال التي لا يحصيها سواه. ولهذا ذمَّ الله سبحانه وتعالى آلهة الكفّار وعابها بسلب أوصاف الكمال عنها، فعابها بأنّها لا تسمع ولا تبصر، ولا تتكلَّم ولا تُكلِّم (٢) ولا تهدي (٣). وهذه


(١) م: "الشبيه".
(٢) "ولا تكلِّم" ساقط من ع.
(٣) في ع بعده زيادة: "ولا تنفع ولا تضرّ".

<<  <  ج: ص:  >  >>