للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفات (١) إله الجهميّة التي عاب بها الأصنام (٢)، نسبوها (٣) إليه، تعالى عمّا يقول الظّالمون والجاحدون علوًّا كبيرًا!

فقال تعالى حكايةً عن خليله إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسّلام في محاجَّته لأبيه: {يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم: ٤٢]. فلو كان إله إبراهيم بهذه المثابة لقال له آزر: وأنت إلهك بهذه المثابة، فكيف تنكر عليّ! لكن كان مع شركه أعرف بالله من الجهميّة. وكذلك كفّار قريشٍ كانوا مع شركهم مقرِّين بصفات الصّانع سبحانه وعلوِّه على خلقه.

وقال (٤) تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا} [الأعراف: ١٤٨]. فلو كان إله الخلق سبحانه وتعالى كذلك لم يكن في هذا الإنكارُ عليهم، ولا الاستدلالُ على بطلان إلهيته بذلك (٥).

فإن قيل: فالله تعالى لا يكلِّم عباده.

قيل: بلى، قد كلَّمهم. فمنهم من كلَّمه من وراء حجابٍ، منه إليه بلا واسطةٍ كموسى عليه السلام. ومنهم من كلَّمه على لسان رسوله الملكيِّ،


(١) م، ع: "صفة".
(٢) ما عدا ش: "الأجسام"، تصحيف. وقد أصلح في م.
(٣) ش: "فنسبوها".
(٤) ما عدا ع: "قال" دون الواو قبله.
(٥) كذا في جميع النسخ، وضبط "الإنكار" في ش، ع بضم الراء. وفي هامش ق: "لعله حجَّة" مع وضع إشارة بعد "بذلك". يعني: "لم يكن في هذا الإنكارِ عليهم والاستدلالِ ... حجَّةٌ". والهامش نفسه في ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>