للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدّليل على أنّه أراد ما يحصل لأرباب التّوسُّط والنِّهايات: أنّه أخذَ بعد تعريفه يُفرِّق بينه وبين الوجد، فقال (١): (والفرق بينه وبين الوجد: أنّ الوجد يقع بعد الدُّخول فيه، والبرق قبله (٢). فالوجد زادٌ، والبرق إذنٌ).

يريد: أنّ البرق نورٌ يقذفه الله في قلب العبد ويُبدِيه له، فيدعوه إلى الدُّخول في الطّريق. والوجد هو شدّة الطّلب وقوّته الموجبة لتأجُّجِ اللهيب من الشُّهود، كما تقدّم.

و (الوجد زادٌ) يعني: أنّه يصحب السّالكَ كما يصحبه زادُه، بل هو من نفائس زاده. و (البرق إذنٌ) يعني: إذنًا في السُّلوك، والإذن إنّما يَفْسَح للسّالك في المسير لا غير.

قال (٣): (وهو ثلاث درجاتٍ. الأولى: برقٌ يلمع من جانب العِدَة في عين الرّجاء، فيستكثر فيه العبدُ القليلَ من العطاء، ويستقلُّ فيه الكثيرَ من الإعياء (٤)، ويَستحلي فيه مرارةَ القضاء).

يعني بالعِدَة: ما وعد الله به أولياءه من أنواع الكرامة في هذه الدّار وعند اللِّقاء.

وقوله: (يلمع في عين الرّجاء)، أي يبدو في حقيقة الرّجاء ومَرَافقِه وناحيته، فيوجب له ذلك استكثارَ القليل ــ ولا قليلَ من الله ــ من عطائه، والحاملُ له على هذا الاستكثار أربعة أمورٍ:


(١) «المنازل» (ص ٧٩).
(٢) «والبرق قبله» ليست في «المنازل».
(٣) «المنازل» (ص ٧٩).
(٤) في «المنازل»: «الأعباء».

<<  <  ج: ص:  >  >>