للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا تعارض الأثر والقياس قدَّمنا القياس. وقال أصحاب الذوق (١) إذا تعارض الذوق والوجد والكشف وظاهر الشرع، قدَّمنا الذوق (٢) والكشف. وقال أصحاب السِّياسة: إذا تعارضت السِّياسة والشرع قدَّمنا السِّياسة.

فجعلت (٣) كلُّ طائفةٍ قُبالة دينِ الله وشرعِه طاغوتًا يتحاكمون إليه. فهؤلاء يقولون: لكم النقل ولنا العقل. والآخرون يقولون: أنتم أصحاب أخبارٍ وآثار ونحن أصحاب أقيسةٍ وآراء وأفكار. وأولئك يقولون: أنتم أرباب الظاهر ونحن أهل الحقيقة. والآخرون يقولون: لكم الشرع ولنا السِّياسة.

فيا لها بليَّةً عمَّت فأعمت، ورزيَّةً رَمَتْ فأَصْمَتْ، وفتنةً دعت القلوب فأجابها كلُّ قلبٍ مفتونٍ، وأهويةً عصفت فصَمَّت منها الآذان وعَمِيت منها العيون!

عطِّلت لها واللهِ معالمُ الأحكام، كما نفيت لها صفات ذي الجلال والإكرام، واستند لأجلها (٤) كلُّ قومٍ إلى ظُلَمِ آرائهم، وحكموا على الله وبين عباده بمقالاتهم الفاسدة وأهوائهم، وصار لأجلها الوحيُ عرضةً لكلِّ تحريفٍ وتأويلٍ، والدِّينُ وقفًا على كلِّ إفسادٍ وتبديل.

النوع الثالث (٥): الاعتراض على أفعاله وقضائه وقدره. وهذا اعتراض


(١) زاد في ع: «والوجد والكشف».
(٢) في ع زيادة: «والوجد».
(٣) ع: «فجعل».
(٤) ع: «لها».
(٥) ع: «النوع الرابع»، خطأ. والمراد: النوع الثالث من أنواع الاعتراض من حيث المعتَرَض عليه، والأنواع الثلاثة السابقة كانت من حيث المعتَرَض به، وهي مندرجة تحت الثاني: الاعتراض على شرعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>