للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قال (١): (وهو على ثلاث درجاتٍ، كلُّها تسير مسير العامَّة. الدرجة الأولى: التوكُّل مع الطلب ومعاطاة السبب على نية شغل النفس، ونفع الخلق، وترك الدعوى).

يقول: إنَّ صاحب هذه الدرجة متوكِّل (٢) على الله ولا يترك الأسباب، بل يتعاطاها على نيَّة شَغْل النفس بالسبب مخافةَ أن تفرغ فتشتغل بالهوى والحظوظ، فإن من لم يَشْغَل نفسه بما ينفعها شغلته بما يضرُّه، لا سيَّما إذا كان الفراغ مع حدَّة الشباب وملك الجِدَة (٣)، كما قيل (٤):

إنَّ الشَّباب والفراغ والجِدَهْ ... مفسدةٌ للمرء أيُّ مفسدَهْ

ويكون أيضًا قيامه بالسبب على نيَّة نفع الناس (٥) بذلك، فيحصل له نفعُ نفسه ونفع غيره.

وأمَّا تضمُّن ذلك لترك الدعوى، فإنَّه إذا اشتغل بالسبب تخلَّص من


(١) (ص ٣٣ - ٣٤).
(٢) ع: «يتوكل»، وفي الأصل محتمل.
(٣) أي: الغنى والمال.
(٤) لأبي العتاهية في «ديوانه» (ص ٤٤٨).
(٥) ع: «نفع النفس ونفع الناس».

<<  <  ج: ص:  >  >>