للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشّاغلة عن الله تعالى= امتلأ القلب والجوارح بذلك النُّور، لا بالنُّور الذي هو صفة الرّبِّ تعالى، فإنّ صفاته لا تَحُلُّ في شيءٍ من مخلوقاته، كما أنّ مخلوقاته لا تحلُّ فيه. فالخالق بائنٌ عن المخلوق بذاته وصفاته، فلا اتِّحادَ ولا حلولَ ولا ممازجةَ. تعالى الله عن ذلك كلِّه علوًّا كبيرًا.

قوله: (وتَعْصِم من عُوارِ التّسلِّي)، العُوار: العيب. والتّسلِّي عن المحبوب الذي لا حياةَ للقلب ولا نعيمَ إلّا بحبِّه والقرب منه والأنسِ بذكره، وهو من أعظم العيوب. فهذه الملاحظة إذا صدقَتْ عصمَتْ صاحبَها من عيبِ سُلْوتِه عن مطلوبه ومراده، فإنّه في هذه الدّرجة مستغرقٌ في شهود الأسماء والصِّفات.

وقد استولى على قلبه نور الإيمان بها ومعرفتها، ودوام ذكرها. ومع هذا فباب السُّلوة (١) عليه مسدودٌ، وطريقها عليه مقطوعٌ. والمحبُّ يُمكِنُه (٢) التّسلِّي قبل أن يشاهد جمالَ محبوبه، ويستغرقَ في شهود كماله، ويغيبَ به عن غيره. فإذا وصل إلى هذه الحال كان كما قيل (٣):

مرَّتْ بأرجاءِ الخيال طُيوفُه ... فبكَتْ على رسم السُّلوِّ الدّارس

فصل

قال (٤): (الدّرجة الثّالثة: ملاحظةُ عين الجمع. وهي تُوقِظ لاستهانة


(١) «على قلبه ... السلوة» ساقطة من ش، د.
(٢) ت: «والمحب حرام عليه».
(٣) تقدم (ص ٣٧٦).
(٤) «المنازل» (ص ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>