للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما أنفعَه للعبد, وما أجلبه للمحبّة! والله المستعان (١).

فصل

قال (٢): (الدّرجة الثّانية: محبّةٌ تبعثُ على إيثار الحقِّ على غيره، وتُلهِج اللِّسانَ بذكره, وتُعلِّق القلبَ بشهوده. وهي محبّةٌ تظهر من مطالعة الصِّفات، والنّظرِ إلى الآيات، والارتياضِ بالمقامات).

هذه الدّرجة أعلى ممّا قبلها باعتبار سببها وغايتها، فإنّ سببَ الأولى مطالعة الإحسان والمنّة، وسببَ هذه مطالعة الصِّفات، وشهودُ معاني آياته المسموعة، والنّظر إلى آياته المشهودة، وحصول الملكة في مقامات السُّلوك، وهو الارتياض بالمقامات. وكذلك غايتها أعلى من غاية ما قبلها.

فقوله: (تبعث على إيثار الحقِّ على غيره)، أي لكمالها وقوّتها تقتضي من المحبِّ أن يترك لأجل الحقِّ ما سواه، فيُؤثِره على غيره، ولا يُؤثِر غيرَه عليه. وتجعل اللِّسانَ لهجًا بذكره، فإنّ من أحبّ شيئًا أكثرَ من ذكرِه.

(وتُعلِّق القلب (٣) بشهوده) لفرط استيلائه على القلب وتعلُّقِه به، حتّى كأنّه لا يشاهد غيره.

قوله: (وهي محبّةٌ تظهر من مطالعة الصِّفات)، يعني: إثباتها أوّلًا، ومعرفتها ثانيًا، ونفي التّحريف والتّعطيل عن نصوصها ثالثًا، ونفي التّمثيل


(١) إلى هنا انتهت نسخة ل، وكُتب في آخره: «آخر المجلد الثاني وبه تمَّ الكتاب»! وهو قيد مزوَّر كما سبق بيانه في مقدمة التحقيق (ص ٧٦). ونقابل من هنا على نسخة ت.
(٢) «المنازل» (ص ٧٢).
(٣) ش، د: «العبد».

<<  <  ج: ص:  >  >>