للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لصاح واستغاث وسأل العافية، كما جرى للقائل (١):

وليس لي من هواك بدٌّ ... فكيفما شئتَ فامتحنِّي

فامتحنه بعسر البول، فطاحت هذه الدعوى عنه واضمحلَّ خيالها، وجعل يطوف على صبيان المكاتب ويقول: ادعوا لعمِّكم الكذَّاب!

فالعزم على الرِّضا لونٌ، وحقيقته لونٌ آخر.

وأمَّا قوله: (إن التنزيل نطق به (٢) لفائدةٍ واحدة، وهي كونه يبرِّد حرارة الخوف)، فيقال: بل لفوائد كثيرةٍ أُخَر سوى هذه:

منها: إظهار العبودية والفاقة والحاجة إلى ما يرجوه من ربِّه ويستشرفه من إحسانه، وأنَّه لا يستغني عن فضله طرفةَ عينٍ.

ومنها: أنَّه سبحانه يحبُّ من عباده أن يؤمِّلوه ويرجوه ويسألوه من فضله، لأنَّه المَلِك الحقُّ الجواد، أجوَدُ من سئل وأوسع من أعطى، وأحبُّ ما إلى الجواد أن يُرجى ويؤمَّل ويُسأل. وفي الحديث: «من لم يسأل الله يغضَبْ عليه» (٣)، والسائل راجٍ وطالب، فمن لم يَرجُ الله يغضب عليه، فهذه فائدة


(١) في ع زيادة: «وهو سَمْنون». وهو سَمنون بن حمزة الخوَّاص، معاصر للجنيد. انظر: «حلية الأولياء» (١٠/ ٣٠٩) و «تاريخ بغداد» (١٠/ ٣٢٤) و «القشيرية» (ص ١٦٩).
(٢) ع: «وإنما نطق به التنزيل».
(٣) أخرجه أحمد (٩٧٠١) والبخاري في «الأدب المفرد» (٦٥٨) والترمذي (٣٣٧٣) وابن ماجه (٣٨٢٧) والحاكم (١/ ٤٩١) وغيرهم من حديث أبي المَليح عن أبي صالح الخُوزي عن أبي هريرة. قال الترمذي: «لا نعرفه إلا من هذا الوجه» ولم يحسِّنه. وإسناده يحتمل ذلك، فأبو صالح ضعَّفه ابن معين، وقال عنه أبو زرعة: لا بأس به. وانظر: «الصحيحة» (٢٦٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>