للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن كيسان: شهد الله بتدبيره العجيب وأموره المحكمة عند خلقه: أنّه لا إله إلّا هو (١).

فصل

وأمّا المرتبة الرَّابعة ــ وهي الأمر بذلك والإلزام به، وإن كان مجرَّدُ الشّهادة لا يستلزمه (٢)، لكن الشَّهادةَ في هذا الموضع (٣) تدلُّ عليه وتتضمّنَه، فإنّه سبحانه شهد به شهادةَ من حكمَ به وقضى وأمرَ وألزَمَ عباده به، كما قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: ٢٣] , وقال تعالى: {لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ} [النحل: ٥١] , وقال تعالى: {أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: ٥]، وقال تعالى: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الإسراء: ٢٢]، وقال: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الشعراء: ٢١٣] (٤). والقرآن كلُّه شاهدٌ بذلك.

ووجهُ استلزام شهادته سبحانه لذلك: أنّه إذا شهد أنّه لا إله إلّا هو، فقد أخبَر وبيَّن وأعلَم وحكَم وقضَى: أنّ ما سواه ليس بإلهٍ، وأنَّ إلهيّةَ ما سواه أبطَلُ الباطل وإثباتَها أظلَمُ الظُّلم، فلا يستحقُّ العبادةَ سواه، كما لا تصلح الإلهيّةُ لغيره. وذلك يستلزم الأمرَ باتِّخاذه وحده إلهًا، والنَّهيَ عن اتِّخاذ غيره


(١) «الكشف» للثعلبي (٣/ ٣٢)، و «زاد المسير» (١/ ٣٦٢) والمؤلف صادر عن تفسير شيخه. انظر: «مجموع الفتاوى» (١٤/ ١٧٥).
(٢) في ش، د بتاء المضارعة.
(٣) ش، د: «هذه المواضع».
(٤) لم ترد الآية في ت، ر. وفي المطبوع: {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [القصص: ٨٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>