للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معه إلهًا. وهذا يفهمه المخاطب من هذا النّفي والإثبات، كما إذا رأيتَ رجلًا يستفتي أو يستشهد أو يستطِبُّ مَن ليس أهلًا لذلك، ويدَعُ مَن هو أهلٌ له، فتقول (١): هذا ليس بمفتٍ ولا شاهدٍ ولا طبيبٍ، المفتي فلانٌ، والشّاهد فلانٌ، والطّبيب فلانٌ؛ فإنَّ هذا أمرٌ منه (٢) ونهيٌ.

وأيضًا فإنّ الآية (٣) قد دلّت على أنّه وحده المستحقُّ للعبادة، فإذا أخبر أنّه هو وحده المستحقُّ للعبادة تضمَّن هذا الإخبارُ: أمرَ العباد (٤) وإلزامَهم بأداء ما يستحقُّه الرَّبُّ تعالى عليهم، وأنَّ القيامَ بذلك هو خالصُ حقِّه عليهم، فإذا شهد سبحانه أنّه لا إله إلّا هو تضمّنت شهادتُه الأمرَ والإلزامَ بتوحيده.

وأيضًا، فلفظُ الحكم والقضاء يُستعمَل في الجمل الخبريّة، ويقال للجملة الخبريّة: قضيّةٌ وحكمٌ، وقد حُكِمَ فيها بكيت وكيت. قال تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١٥٢) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [الصافات: ١٥١ - ١٥٤]، فجعل هذا الإخبارَ المجرَّدَ منهم حكمًا. وقال في موضعٍ آخر: {(٣٤) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ


(١) أهمل حرف المضارع في ت وانظر التعليق التالي.
(٢) كذا في النسخ وهو مناسب لسياق الكلام في «مجموع الفتاوى» (١٤/ ١٧١): «كما إذا استفتى شخصٌ شخصًا، فقال له قائل ... ». أما السياق هنا (كما إذا رأيتَ رجلًا ... ) فمقتضاه: «منك».
(٣) كذا في النسخ، وفي طبعة الفقي: «الأدلَّة». والسياق في «الفتاوى» (١٤/ ١٧٢): «وأيضًا فلو لم يكن هناك طالبٌ للعبادة، فلفظ الإله يقتضي أنه يستحق العبادة، فإذا أخبر ... ».
(٤) ش، د: «أمرًا للعباد».

<<  <  ج: ص:  >  >>