للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابدأ بنفسك فانهها عن غيِّها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ

فهناك يقبل ما تقول ويقتدى ... بالقول منك وينفع التعليمُ

فالعمى عن عيب الواعظ من شروط تمام الانتفاع بموعظته.

وأمَّا (تذكُّر الوعد والوعيد) فإنَّ ذلك يوجب خشيته والحذر منه، ولا تنفع الموعظة إلا لمن آمن به وخافه ورجاه، قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ} [هود: ١٠٣]، وقال: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى} [الأعلى: ١٠]، وقال: {(٤١) يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (٤٣) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (٤٤) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ (١)} [النازعات: ٤٢ - ٤٥]. وأصرح من ذلك قوله تعالى: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: ٤٥].

فالإيمان بالوعد والوعيد وذكره شرطُ الانتفاع بالعظات والآيات والعبر، يستحيل حصوله بدونه.

قال (٢): (وإنما تُستبصر العبرة بثلاثة أشياء: بحياة العقل، ومعرفة الأيّام، والسلامة من الأغراض).

وإنّما تتميَّز (٣) العبرةُ وتُرى وتتحقَّق بحياة العقل، والعبرة هي الاعتبار، وحقيقتها العبور من حكم الشَّيء إلى حكم مثله، فإذا رأى من قد أصابته محنةٌ وبلاءٌ لسببٍ ارتكبه، علم أنَّ حكم مَن ارتكب ذلك السبب كحكمه.


(١) في ع اقتصر على الآية الأخيرة.
(٢) «منازل السائرين» (ص ١٥).
(٣) ل: «تميز».

<<  <  ج: ص:  >  >>