للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحياة العقل هي صحَّة الإدراك، وقوَّة الفهم وجودته، وتحقيق الانتفاع (١) بالشّيء والتضرُّر به. وهو نورٌ يخصُّ الله به من يشاء من خلقه، وبحسب تفاوت الناس في قوَّة ذلك النُّور وضعفه ووُجوده وعدمه يقع تفاوت أذهانهم وأفهامهم وإدراكاتهم. ونسبته إلى القلب كنسبة النُّور الباصر إلى العين.

ومن تجريبات السالكين التي جرَّبوها فألْفَوها صحيحةً أنَّ مَن أدمن مِن قول: «يا حيُّ يا قيُّوم، لا إله إلا أنت» أورثه ذلك حياة القلب والعقل.

وكان شيخ الإسلام ابن تيميَّة شديدَ اللهج بها جدًّا، وقال لي يومًا: لهذين الاسمين ــ وهما الحيُّ القيُّوم ــ تأثير عظيم في حياة القلب، وكان يشير إلى أنَّهما الاسم الأعظم، وسمعته يقول: من واظب على أربعين مرَّةً كلَّ يومٍ بين سُنَّة الفجر وصلاةِ الفجر: «يا حيُّ يا قيُّوم، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث» = حصلت له حياة القلب، ولم يَمُت قلبُه (٢).

ومَن علم عبوديَّات الأسماء الحسنى والدُّعاء بها، وسرَّ ارتباطها بالخلق والأمر، وبمطالب العبد وحاجاته= عرف ذلك وتحقَّقه (٣)، فإنَّ كلَّ مطلوبٍ


(١) ع: «وتحقُّق الانتفاع».
(٢) ومما ورد عن شيخ الإسلام فيه: أنه كتب في رسالته إلى الملك المنصور حسام الدين لاجين: « ... فإذا ناجى ربَّه في السحر واستغاث به وقال: (يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث) أعطاه الله من المُكنة ما لا يعلمه إلا الله». «جامع المسائل» (٧/ ٤٤٤).
(٣) انظر: «زاد المعاد» (٤/ ٢٩٢ - ٢٩٣) فقد شرح فيه مناسبة هذين الاسمين لحياة القلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>