للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على نفي صفاته وحقائق أسمائه.

الثالث: عدم تشبيهها بما للمخلوق، فإنَّ الله سبحانه ليس كمثله شيء (١) في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله؛ فالعارفون به، المصدِّقون لرسله، المقرُّون بكماله يثبتون له الأسماء والصِّفات، وينفون عنه مشابهة المخلوقات، فيجمعون بين الإثبات ونفي التشبيه، وبين التنزيه وعدم التعطيل، فمذهبهم حسنةٌ بين سيِّئتين، وهدًى بين ضلالتين، فصراطهم صراط المنعم عليهم، وصراط غيرهم صراط المغضوب عليهم والضّالِّين.

قال الإمام أحمد: لا نزيل عن الله صفةً من صفاته، لأجل شناعة المشنِّعين. وقال: التشبيه: أن تقول يدٌ كيدي ووجه كوجهي، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا (٢).

قوله: (والإياس من إدراك كنهها، وابتغاء تأويلها)، يعني: أن العقل قد يئس من معرفة كنه الصِّفة وكيفيَّتها، فإنَّه لا يعلم كيف الله إلَّا الله، وهذا معنى قول السلف: بلا كيفٍ (٣)، أي بلا كيفٍ يعقله البشر، فإنَّ من لا تُعلَم حقيقةُ


(١) في ر زيادة: «لا».
(٢) كلا القولين جزء من كلامٍ جامعٍ للإمام أحمد في الإيمان بالأسماء والصفات، أسنده غلام الخلال في «السنة» (١/ ٣٠٣ ــ مع زاد المسافر) وابن بطَّة في «الإبانة الكبرى» (٢/ ٥٢٧ - نشرة آل حمدان) من رواية حنبل عنه.
(٣) أطبق أئمة السلف على هذا القول. ومِن أقدم مَن أُثر عنه ذلك: كبار أئمة أتباع التابعين في الأمصار: مالك، والأوزاعي، وسفيان الثوري، والليث بن سعد؛ فقد روى الدارقطني في «الصفات» (٦٧) وهبة الله الطبري في «شرح السنة» (٨٧٥، ٩٣٠) والبيهقي في «الصفات» (٩٥٥) وغيرهم من طرق عن الهيثم بن خارجة عن الوليد بن مسلم أنه سألهم عن أحاديث الصفات فقالوا: أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>