للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نعتوه بما أذِنَ لهم في نعته به. وقد صرَّح سبحانه بهذا المعنى في قوله: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} [الصافات: ١٥٩ - ١٦٠] فنزَّه نفسَه عمّا يصفه به العبادُ إلّا الرُّسل، فإنّهم لم يصفوه من عند أنفسهم. وكذلك قوله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: ١٨٠ - ١٨٢].

فنختم الكتاب بهذه الآية حامدين لله مثنين عليه بما هو أهله (١)، وبما أثنى على نفسه. والحمدُ لله ربِّ العالمين حمدًا طيِّبًا مباركًا فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، وكما ينبغي لكرم وجه ربِّنا وعزِّ جلاله (٢) غيرَ مكفيٍّ ولا مكفورٍ ولا مودَّعٍ ولا مستغنًى عنه ربّنا. ونسأله أن يوزعنا شكر نعمته ويوفِّقنَا لأداء حقِّه، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجعل ما قصدنا له في هذا الكتاب وفي غيره خالصًا لوجهه الكريم ونصيحةً لعباده.

فيا أيُّها القارئ له (٣)، لك غنمُه وعلى مؤلِّفه غرمُه، ولك ثمرتُه وعليه تبعتُه. فما وجدتَ فيه من صوابٍ وحقٍّ فاقبله ولا تلتفت إلى قائله، بل انظر إلى ما قال لا إلى من قال. وقد ذمَّ الله تعالى من يردُّ الحقَّ إذا جاء به مَن يبغضه، ويقبله إذا قاله مَن يحبُّه، فهذا خلقُ الأمّة الغضبيّة. قال بعض الصّحابة: اقبل الحقَّ ممَّن قاله وإن كان بغيضًا، ورُدَّ الباطلَ على من قاله وإن كان حبيبًا (٤). وما


(١) «بما هو أهله» ساقط من ت.
(٢) ت: «ربنا عزَّ جلالُه».
(٣) لم يرد «له» في ت.
(٤) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (٩/ ١٢١) من كلام أبي بن كعب - رضي الله عنه -. وأخرج نحوه ابن أبي الدنيا في «كتاب الصمت» (٤٥١)، وأبو نعيم (١/ ١٣٤) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>