للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهبه وما يدعو إليه ويناظر عليه. وقد كان شيخ الإسلام رحمه الله تعالى (١) راسخًا في إثبات الصِّفات ونفي التَّعطيل ومعاداة أهله. وله في ذلك كتبٌ مثل كتاب «الفاروق» وكتاب «ذمِّ الكلام» وغير ذلك ممَّا يخالف طريقة المعطِّلة والحلوليّة والاتِّحاديّة.

ثمَّ صرَّح بهذا المعنى الذي ذكرناه بقوله: (توحيدُه إيّاه توحيدُه) أي توحيدُه لنفسه هو التّوحيدُ الكاملُ التّامُّ الذي لا سبيل للعبارة والإشارة إليه، وهو فوق ما تعرفه العقول وتصفه الألسن. وهذا حقٌّ، لكن جفت عبارتُه بعده بقوله: (ونعتُ من ينعته لاحدُ). ومحملها كما عرفتَ: أنَّ نعتَ الخلق له دون ما هو عليه سبحانه، وما هو عليه من الأوصاف والنُّعوت أجلُّ وأعظَمُ من أن يحيط به العلمُ المخلوقُ، أو تنطق به الألسنةُ.

والإلحادُ: الميل. وهو لم يُرد أنَّ نعتَ النّاعتين له إلحادٌ وكفرٌ، فإنّه هو (٢) قد نَعتَه في هذا الكتاب وفي كتبه، ولم يكن ملحدًا بذلك، فنعتُ المخلوق له مائلٌ عن نعته لنفسه.

على أنّه لو أراد الإلحاد الذي هو باطلٌ وضلالٌ لكان له وجهٌ صحيحٌ، وهو أنَّ نعتَ المخلوقين له من عند أنفسهم إلحادٌ، والتَّوحيدُ الحقُّ (٣) هو ما نعَت به نفسَه على ألسنة رسله، فهم لم ينعتوه (٤) من تلقاء أنفسهم، وإنّما


(١) جملة الترحم من ت.
(٢) الضمير «هو» ساقط من ت.
(٣) في ش، د: «والحق»، وهو خطأ.
(٤) ش، د: «لم ينعتوا».

<<  <  ج: ص:  >  >>