الأمرين. وهي كلفظة "التّقوى" التي عند إفرادها تقتضي فعلَ ما أمَر الله تعالى به وتركَ ما نهى عنه، وعند اقترانها بفعل المأمور تقتضي الانتهاءَ عن المحظور.
فإنَّ حقيقةَ التّوبة: الرُّجوعُ إلى الله بالتزام فعلِ ما يحبُّ وتركِ ما يكره، فهي رجوعٌ من مكروهٍ إلى محبوبٍ، فالرُّجوعُ إلى المحبوب جزءُ مسمَّاها، والرُّجوعُ عن المكروه الجزءُ الآخَر.
ولهذا علَّق سبحانه الفلاحَ المطلقَ على فعلِ المأمور وتركِ المحظور بها، فقال تعالى:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[النور: ٣١]. فكلُّ تائبٍ مفلحٌ، ولا يكون مفلحًا إلّا مَن فعَلَ ما أُمِر به وترَكَ ما نُهي عنه.
وقال تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الحجرات: ١١]. وتاركُ المأمور ظالمٌ، كما أنَّ فاعلَ المحظور ظالمٌ، وزوالُ اسم الظُّلم عنه بالتَّوبة الجامعة للأمرين (١). فالنّاس قسمان: تائبٌ وظالمٌ، ليس إلّا. فالتّائبون هم:{الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ}[التوبة: ١١٢]. فحفظُ حدوده جزءُ التّوبة، والتَّوبةُ هي مجموعُ هذه الأمور. وإنّما سمِّي التائبُ تائبًا لرجوعه إلى أمر الله من نهيه، وإلى طاعته من معصيته، كما تقدّم.
فإذَنْ التَّوبةُ هي حقيقة دين الإسلام، والدِّين كلُّه داخلٌ في مسمّى التَّوبة وبهذا استحقَّ التَّائبُ أن يكون حبيبَ الله، فإنّ الله يحبُّ التّوّابين، وإنّما يحبُّ