للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ ذمَّهم بترك رعايتها، إذ من التزم لله شيئًا لم يُلزمه الله إيَّاه من أنواع القُرَب لزمه رعايته وإتمامه، حتَّى ألزم كثيرٌ من الفقهاء مَن شرع في طاعةٍ مستحبَّةٍ بإتمامها، وجعلوا التزامَها بالشروع كالتزامها بالنذر، كما قال أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الرِّوايتين عنه، وهو إجماعٌ أو كالإجماع في أحد النُّسكين (١). قالوا: والالتزام بالشُّروع أقوى من الالتزام بالقول، فكما يجب عليه رعاية ما التزمه بالنذر وفاءً، يجب عليه رعاية ما التزمه بالفعل إتمامًا. وليس هذا موضع استقصاء هذه المسألة.

والقصد: أنَّ الله سبحانه ذمَّ من لم يرعَ قربةً ابتدعها لله حقَّ رعايتها، فكيف بمن لم يرعَ قربةً شرعها الله ورضيها لعباده (٢)؟!

فصل

قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (٣): (الرِّعاية: صونٌ بالعناية، وهي على ثلاث درجاتٍ، الأولى: رعاية الأعمال، والثانية: رعاية الأحوال، والثالثة: رعاية الأوقات. فأمَّا رعاية الأعمال فتوفيرُها بتحقيرها، والقيامُ بها من غير نظرٍ إليها، وإجراؤها على مجرى العلم لا على التزيُّن بها من غير نظرٍ إليها (٤)).


(١) أي: الحج والعمرة.
(٢) ع: «شرعها الله لعباده ورضيها وأمرها وحثَّ عليها».
(٣) (ص ٢٨).
(٤) «من غير نظر إليها» ساقطة من م، ع؛ ولم ترد في مطبوعة «المنازل» ولا في نسخه الخطية التي أشار إليها المحقق في الهامش. وإنما وردت في «شرح التلمساني» (ص ١٦٥)، ولعلها تكرَّرت عنده ــ أو في نسخته التي اعتمدها ــ خطأً بانتقال النظر مِن «بها» إلى نظيرها في السطر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>