للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجَعْلِهم مهتدين. وليس مطلوبُهم مجرَّدَ البيان والدِّلالة كما ظنّته القدريّة، لأنّ هذا القدر وحده لا يُوجِب الهدى، ولا ينجي من الرَّدى، وهو حاصلٌ لغيرهم من الكفّار الذين استحبُّوا العمى على الهدى، واشتروا الضَّلالة بالهدى.

فصل

النّوع الثّاني: أهل الإشراك به في إلهيّته. وهم المقرُّون بأنّه وحده ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكُه وخالقُه، وأنّه ربُّهم وربُّ آبائهم الأوّلين، وربُّ السَّماوات السَّبع وربُّ العرش العظيم. وهم مع هذا يعبدون غيرَه ويعدِلون به سواه في المحبّة والطّاعة والتّعظيم، وهم الذين اتّخذوا من دونه أندادًا. فهؤلاء لم يوفُّوا {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} حقَّه، وإن كان لهم نصيبٌ من "نعبدك"، لكن ليس لهم نصيبٌ من {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} المتضمِّن معنى: لا نعبد إلّا إيّاك حبًّا وخوفًا ورجاءً وطاعةً وتعظيمًا.

فـ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} تحقيقٌ لهذا التّوحيد وإبطالٌ للشِّرك في الإلهيّة، كما أنّ {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} تحقيقٌ لتوحيد الرُّبوبيّة وإبطالٌ للشِّرك به. وكذلك قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فإنّهم أهل التّوحيد، وهم أهل تحقيق {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}. وأهلُ الإشراك هم أهلُ الغضب والضّلال.

فصل

في تضمُّنها الرّدّ على الجهميّة معطِّلة الصِّفات

وذلك من وجوهٍ:

أحدها (١): من قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ}، فإنّ إثبات الحمد الكامل له


(١) والوجوه الأخرى ما يليه من إثبات صفات الرحمة، والربوبية، والإلهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>