للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقتضي ثبوتَ كلِّ ما يُحمَد عليه من صفات كماله ونعوت جلاله؛ إذ مَن عدِمَ صفاتِ الكمال فليس بمحمودٍ على الإطلاق، وغايتُه أنّه محمودٌ من وجهٍ دون وجهٍ. ولا يكون محمودًا بكلِّ وجهٍ وبكلِّ اعتبارٍ لجميع (١) أنواع الحمد إلّا مَن استولى على صفات الكمال جميعها، فلو عدِمَ منها صفةً واحدةً لنقَصَ من حمده بحسبها.

وكذلك في إثبات صفة الرّحمة له ما يتضمَّن إثباتَ الصِّفات التي تلزمها (٢) من الحياة والإرادة والقدرة والسّمع والبصر، وغيرها. وكذلك صفة الرُّبوبيّة تستلزم جميعَ صفات الفعل، وصفةُ الإلهيّة تستلزم جميعَ أوصاف الكمال ذاتًا وأفعالًا، كما تقدَّم بيانه (٣).

فكونُه محمودًا إلهًا ربًّا رحمانًا رحيمًا ملكًا معبودًا مستعانًا هاديًا منعمًا يرضى ويغضب، مع نفي قيام الصِّفات به= جمعٌ بين النّقيضين، وهو من أمحل المحال.

وهذه الطّريق تتضمَّن إثباتَ الصِّفات الخبريّة من وجهين:

أحدهما: أنّها (٤) من لوازم كماله المطلق، فإنَّ استواءه على عرشه من لوازم علوِّه، ونزولَه سبحانه كلَّ ليلةٍ إلى سماء الدُّنيا في نصف اللّيل الثّاني من


(١) متعلِّق بكلمة "اعتبار". ولم ينقط أوله في الأصل، فيحتمل قراءة "بجميع" كما في ع والنسخ المطبوعة.
(٢) ع: "تستلزمها".
(٣) في (ص ٤٩ وما بعدها).
(٤) ج، ش: "أنه"، وكذا كان في غيرهما ما عدا ع ثم أصلح.

<<  <  ج: ص:  >  >>