للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التحرُّج: الخروج من حرج المخالفة. وبناء (تفعَّلَ) يكون للدُّخول في الشّيء، كـ (تمنَّى) إذا دخل في الأمنية، و (تولَّج في الأمر) ونحوه؛ وللخروج منه، كـ (تحرَّج) و (تحوَّب) و (تأثَّم)، إذا أراد الخروج من الحرج والحوب والإثم.

أراد أنَّ الحرمة هي الخروج من حرج المخالفة وجسارة الإقدام عليها. ولمَّا كان المخالف قسمين جاسرًا وهائبًا قال: (عن المخالفات والمجاسرات).

قال (١): (وهو على ثلاث درجاتٍ. الدرجة الأولى: تعظيم الأمر والنهي، لا خوفًا من العقوبة فيكونَ خصومةً للنفس، ولا طلبًا للمثوبة فيكونَ مستشرفًا (٢) للأُجرة، ولا مشاهدًا لأحدٍ فيكونَ متزيِّنًا (٣) بالمراياة؛ فإنَّ هذه الأوصاف كلَّها شُعَب من عبادة النفس).

هذا الموضع يكثر في (٤) كلام القوم. والناس بين معظِّمٍ له ولأصحابه معتقدٍ أنَّ هذا أرفع درجات العبوديَّة (٥): أن لا يعبد الله ويقوم بأمره ونهيه خوفًا من عِقابه ولا طمعًا في ثوابه، فإنَّ هذا واقفٌ مع غرضه وحظِّ نفسه، وأنَّ


(١) «المنازل» (ص ٣٠).
(٢) ج، ن: «مسترقًّا»، وكذا في «المنازل»، وعليه شرحه التلمساني (ص ١٧٦).
(٣) لفظ مطبوعة «المنازل»: «متديِّنًا»، وعليه شرحه التلمساني.
(٤) في هامش م: «فيه» مرموزًا له بـ «خ».
(٥) لم يذكر المؤلف هنا الفئة المقابلة من الناس، وسيأتي ذكرهم في الفصل القادم، والتقدير: أن الناس بين معظِّم له ولأصحابه .... وبين منكرٍ عليهم جاعلٍ ذلك من شطحات القوم ورعوناتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>