للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذُّنوب وجَرَيانِها عليه وعلى الخليقة بتقدير العزيز الحكيم، وأنّه لا عاصم من غضبه وأسباب سخطه إلَّا هو، ولا سبيل إلى طاعته إلا بمعونته، ولا وصول إلى مرضاته إلا بتوفيقه، فموارد الأمور كلُّها منه، ومصادرها إليه، وأزِمَّة التوفيق جميعها بيديه، فلا مستعانَ للعباد إلا به ولا مُتَّكَل إلا عليه، كما قال تعالى عن شعيبٍ خطيب الأنبياء (١): {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: ٨٨].

فصل

المشهد السابع: مشهد التوفيق والخذلان، وهو من تمام هذا المشهد (٢) وفروعه، ولكن أفرد بالذِّكر لحاجة العبد إلى شهوده وانتفاعه به، وقد أجمع العارفون بالله أنَّ التَّوفيق: أن لا يكلك الله إلى نفسك، والخذلان (٣): أن يخلِّي بينك وبينها (٤)، فالعبيد متقلِّبون بين توفيقه وخذلانه، بل العبد في السَّاعة الواحدة ينال نصيبه من هذا وهذا، فيطيعه ويرضيه ويذكره ويشكره بتوفيقه له (٥)، ثمَّ يعصيه ويخالفه ويُسخطه ويغفل عنه بخذلانه له، فهو دائرٌ بين توفيقه وخذلانه، فإن وفَّقه فبفضله ورحمته، وإن خذله فبعدله وحكمته، وهو المحمود في هذا وهذا، له أتمُّ حمدٍ (٦) وأكملُه، ولم يمنع العبد شيئًا هو


(١) ج، ن: «عن السيِّد الجليل شعيب خطيب الأنبياء صلوات الله عليه وعليهم وسلامه».
(٢) أي: مشهد التوحيد.
(٣) في ع زيادة: «هو».
(٤) ع: «وبين نفسك».
(٥) «له» ساقطة من ج، ن.
(٦) ش: «وله أتم الحمد».

<<  <  ج: ص:  >  >>