للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعبدون آلهةً أخرى سواه؟ فعُلِم أنَّ إلهيَّة ما سواه باطلة، كما أنّ ربوبيّة ما سواه باطلةٌ بإقراركم وشهادتكم.

ومن قال: المعنى: هل مع الله إلهٌ آخر؟ من غير أن يكون المعنى: فعل هذا (١)، فقوله ضعيفٌ لوجهين:

أحدهما: أنَّهم كانوا يقولون: مع الله آلهةٌ أخرى، ولا ينكرون ذلك.

الثاني: أنّه لا يتمُّ الدليل ولا يحصل إفحامُهم وإقامة الحجَّة عليهم إلّا بهذا التقدير، أي: فإذا كنتم تقولون: إنَّه ليس معه إلهٌ آخر فعل مثل ما فعله، فكيف تجعلون معه إلهًا آخر لا يخلق شيئًا وهو عاجز؟ وهذا كقوله: {لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ} (٢) [الرعد: ١٦]، وقولِه: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: ١١]، وقولِه: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ} [النحل: ١٧]، وقوله: {وَالَّذِينَ الَّذِينَ (٣) ... مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [النحل: ٢٠]، وقولِه: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ (٤) آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [الفرقان: ٣]، وهو كثيرٌ في القرآن، وبه تتمُّ الحجَّة كما تبيَّن.

والمقصود أنَّ العبد يحصل له هذا المشهد من مطالعة الجنايات


(١) «هذا» ساقطة من ع.
(٢) أُكملت الآية في ع.
(٣) كذا مضبوط بالتاء في ع، وهو مهمل في الأصل وغيره. وهي قراءة عامَّة القَرَأَةِ عدا عاصمًا ويعقوب، فإنهما قرآ بياء الغيبة. انظر: «النشر» (٢/ ٣٠٣).
(٤) ق، ل، م، ع: «من دون الله» سهو، وكذا كان في ش ثم أُصلح.

<<  <  ج: ص:  >  >>