للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال إبراهيم بن شيبان (١): إذا سكن الخوف القلبَ (٢) أحرق مواضع الشهوات منه وطرد الدُّنيا عنه (٣).

وقال ذو النُّون - رحمه الله -: النّاس على الطّريق ما لم يَزُل عنهم الخوف، فإذا زال عنهم الخوف ضلُّوا عن الطّريق (٤).

وقال حاتم الأصمُّ: لا تغترَّ بمكانٍ صالحٍ، فلا مكان أصلح من الجنّة ولقي آدم فيها ما لقي. ولا تغترَّ بكثرة العبادة، فإنَّ إبليس بعد طول العبادة لقي ما لقي. ولا تغترَّ بكثرة العلم، فإنَّ بَلْعام بن باعورا (٥) لقي ما لقي وكان يعرف الاسم الأعظم. ولا تغترَّ بلقاء الصالحين ورؤيتهم، فلا شخص أصلح من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ولم ينتفع بلقائه أعداؤه والمنافقون (٦).

والخوف ليس مقصودًا لذاته، بل مقصودًا لغيره قصدَ الوسائل، ولهذا يزول بزوال المخوف، فإنَّ أهل الجنة لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.


(١) في النسخ: «سفيان»، والمثبت جاء في هامش ش من نسخة أخرى. وهو أبو إسحاق إبراهيم بن شيبان القِرميسينيُّ (نسبة إلى بلدة قرميسين الجَبَلية التي يقال لها اليوم كِرمانشاه في غربيِّ إيران)، زاهد الجبل وشيخ الصوفية به. توفي سنة ٣٣٧. انظر: «القشيرية» (ص ٢٠٩) و «سير أعلام النبلاء» (١٥/ ٣٩٢).
(٢) ع: «القلوب» والضمائر الآتية بحسبه. والمثبت هو لفظ مصادر النقل.
(٣) أسنده السلمي في «طبقات الصوفية» (ص ٤٠٤)، وعنه القشيري في «رسالته» (ص ٣٥٣).
(٤) ذكره القشيري (ص ٣٥٢).
(٥) هو رجل من بني إسرائيل، قال كثير من مفسِّري السلف إنه المعنيُّ بقوله تعالى: {(١٧٤) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ}. انظر: «تفسير الطبري» (١٠/ ٥٦٦ - ٥٨٥).
(٦) ذكره القشيري (ص ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>