للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا، ولما تلذَّذتم بالنِّساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصُّعدات تجأرون إلى الله تعالى» (١).

فصاحب الخوف يلتجئ إلى الهرب والإمساك، وصاحب الخشية يلتجئ إلى الاعتصام بالعلم، ومَثَلُهما مثل من لا علم له بالطِّبِّ ومَثَل الطبيب الحاذق، فالأوَّل يلتجئ إلى الحِمْية والهرب، والطبيب يلتجئ إلى معرفته بالأدوية والأدواء.

قال أبو حفصٍ (٢): الخوف سوط الله يقوِّم به الشّارد (٣) عن بابه، وقال: الخوف سراجٌ في القلب، به يُبصر ما فيه من الخير والشرِّ (٤).

وكلُّ أحدٍ إذا خفته هربت منه إلا الله تعالى، فإنك إذ خفتَه هربتَ إليه، فالخائف هاربٌ من ربِّه إلى ربِّه.

قال أبو سليمان - رحمه الله - (٥): ما فارق الخوف قلبًا إلا خرب.


(١) أخرجه أحمد (٢١٥١٦) والترمذي وقال: حسن غريب (٢٣١٢) وابن ماجه (٤١٩٠) والحاكم (٢/ ٥١٠) من حديث مورِّق العجلي عن أبي ذر - رضي الله عنه -. وفي إسناده لين، وهو أيضًا مرسل لأن مورِّقًا لم يسمع أبا ذر. وله طريق آخر متصل عند أحمد في «الزهد» (ص ١٨٢) إلا أن فيه رجلًا مبهمًا. وأصله في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة وأنس وعائشة إلى قوله: «ولبكيتم كثيرًا».
(٢) النيسابوري الحدَّاد، اختلف في اسمه، فقيل: عمر بن سلم، وقيل: عمرو بن سلمة، وقيل غير ذلك. وهو أول من أظهر طريقة التصوف بنيسابور. توفي سنة ٢٦٤. انظر: «القشيرية» (ص ١٤٣) و «سير أعلام النبلاء» (١٢/ ٥١٠).
(٣) ع: «الشاردين».
(٤) القولان أسندهما القشيري (ص ٣٤٩، ٣٥٠).
(٥) الداراني، أسنده عنه القشيري (ص ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>