للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحال (١) يُعطاه البَرُّ والفاجر والمؤمن والكافر. فمن استدلَّ بشيءٍ من ذلك على محبّة الله لمن آتاه إيّاه ورضاه عنه وأنّه من أوليائه المقرَّبين، فهو من أجهلِ الجاهلين، وأبعدِهم معرفةً بالله ودينه، والتّمييز بين ما يحبُّه ويرضاه ويكرهه ويسخطه. فالحال (٢) من الدُّنيا ــ وهو كالملك والمال ــ إن أعانه على طاعة الله ومرضاته وتنفيذ أوامره ألحَقَه بالملوك العادلين البررة، وإلّا فهو وبالٌ على صاحبه، ومُبْعِدٌ له عن الله تعالى، ومُلْحِقٌ له بالملوك الظّلمة والأغنياء الفجرة.

فصل

إذا عُرِف هذا فلا يكون العبد متحقِّقًا بـ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} إلّا بأصلين عظيمين: أحدهما: متابعة الرّسول. والثّاني: الإخلاص للمعبود. فهذا تحقيق {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}.

والنّاس منقسمون بحسب هذين الأصلين أيضًا إلى أربعة أقسامٍ:

أحدها: أهل الإخلاص للمعبود (٣) والمتابعة. وهم أهل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} حقيقةً، فأعمالُهم كلُّها لله، وأقوالُهم لله، وعطاؤهم لله، ومنعُهم لله، وحبُّهم لله، وبغضُهم لله. فمعاملتُهم ظاهرًا وباطنًا لوجه الله وحده، لا يريدون بذلك جزاءً من النّاس ولا شكورًا، ولا ابتغاءَ الجاه عندهم، ولا طلبَ المحمدة


(١) ش: "الجاه"، وأشير إلى هذه النسخة في هامش م.
(٢) في هامش م: "لعله الجاه".
(٣) لم يرد "للمعبود" في م، ش، ع. وهو مما زيد في الأصل فيما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>