للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتّدبير، والضَّرِّ والنّفع، والعطاء والمنع، وأنّه ما شاء كان وإن لم يشأ النّاس، وما لم يشأ لم يكن وإن شاءه النّاس. فيوجِبُ له هذا اعتمادًا عليه، وتفويضًا إليه، وطمأنينةً به، وثقةً به، وتيقُّنًا بكفايته لما توكّلَ (١) عليه فيه، وأنّه مليٌّ به، ولا يكون إلّا بمشيئته، شاءه النّاس أو أبوه. فتشبه (٢) حالتُه حالةَ الطِّفل مع أبويه فيما ينوبه من رغبةٍ ورهبةٍ هما مليّان بهما. فانظر في تجرُّد قلبه عن الالتفات إلى غير أبويه، وحبسِه (٣) همَّه على إنزال ما ينوبه بهما؛ فهذه حال المتوكِّل.

ومن كان هكذا مع الله، فالله كافيه ولا بدّ. قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣] أي كافيه. والحَسْب: الكافي. فإن كان مع هذا من أهل التّقوى كانت له العاقبة الحميدة. وإن لم يكن من أهل التّقوى فهو:

القسم الرّابع: وهو من شهد تفرُّدَ الله بالضَّرِّ والنَّفع، وأنّه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولم يدُرْ مع ما يحبُّه ويرضاه، فتوكّل عليه، واستعان به على حظوظه وشهواته وأغراضه، وطَلبَها منه، وأنزلها به، فقُضِيت له، وأُسْعِفَ بها؛ ولكن لا عاقبة له، سواءٌ كانت أموالًا أو رياسات وجاهًا عند الخلق، أو أحوالًا من كشفٍ وتأثيرٍ وقوّةٍ وتمكينٍ، فإنّها من جنس المُلك الظّاهر والأموال، لا تستلزم الإسلام، فضلًا عن الولاية والقرب من الله؛ فإنّ الملك (٤) والمال


(١) ج: "توكلت". وكذا كان في الأصل وغيره ــ ما عدا ع ــ فأُصلح.
(٢) ما عدا ج: "فيشبه" بالياء ولم تنقط في ع.
(٣) ع: "وحبس".
(٤) بعده في ع زيادة: "والجاه".

<<  <  ج: ص:  >  >>