للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قال (١): (واعتصام خاصَّة الخاصَّة: بالاتِّصال، وهو شهود الحقِّ تفريدًا، بعد الاستحذاء (٢) له تعظيمًا، والاشتغالُ به قربًا).

لمّا كان ذلك الانقطاع موصلًا إلى هذا الاتِّصال كان ذلك للمتوسِّطين، وهذا عنده لأهل الوصول.

ويعني بـ (شهود الحقِّ تفريدًا) أن يشهد الحقَّ سبحانه وحده منفردًا، ولا شيء معه، وذلك لفناء الشاهد في المشهود، والحوالة في ذلك عند القوم على الكشف. وقد تقدَّم (٣) أنَّ هذا ليس بكمالٍ، وأنَّ الكمال أن يفنى بمراده عن مراد نفسه، وأمّا فناؤه بشهوده عن شهود ما سواه فدون (٤) هذا الفناء في الرُّتبة كما تقدَّم.

وأمَّا قوله: (بعد الاستحذاء له تعظيمًا)، فالشيخ - رحمه الله - لكثرة لهجه بالاستعارات عبَّر عن معنًى لطيفٍ عظيمٍ بلفظة الاستحذاء التي هي استفعالٌ من المحاذاة، وهي المقابلة التي لا يبقى فيها جزء من المُحاذي خارجًا عمَّا حاذاه، بل قد واجهه وقابله بكلِّيَّته وجميع أجزائه.


(١) «منازل السائرين» (ص ١٦).
(٢) بالحاء المهملة كما سيأتي في شرح المؤلف، وهو تبعٌ فيه لـ «شرح التلمساني» (ص ٩٨). والذي في مطبوعة «المنازل»: (الاستخذاء) بالخاء المعجمة، وذكر القاساني في «شرحه» (ص ٨٢) أنه هكذا في النسخة المقروءة على الشيخ. والاستخذاء هو التذلُّل والخضوع والانقياد. انظر: «تاج العروس» (خذأ، خذي).
(٣) (١/ ٢٥٥) وما بعدها.
(٤) كذا في ع، وهو غير محرَّر في الأصل، يشبه: «فلأن»، وإليه تصحَّف في سائر النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>