للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهره وباطنه. والأصل هو قطع علائق الباطن، فمتى قطعها لم تضرَّه علائق الظاهر، فمتى كان المال في يدك وليس في قلبك لم يضرَّك ولو كَثُر، ومتى كان في قلبك ضرَّ (١) ولو لم يكن في يديك منه شيءٌ. قيل للإمام أحمد - رحمه الله -: يكون (٢) الرجل زاهدًا ومعه ألفُ دينار؟ قال: «نعم، على شريطة أن لا يفرح إذا زادت ولا يحزن إذا نقصت» (٣). ولهذا كان الصّحابة - رضي الله عنهم - أزهدَ الأمَّة مع ما بأيديهم من الأموال (٤).

وإنّما يُحمد قطع العلائق الظاهرة في موضعين: حيث يخاف منها ضررًا في دينه أو حيث لا يكون فيها مصلحة راجحة، والكمال من ذلك قطع العلائق التي تصير كلاليبَ على الصِّراط تمنعه من العبور، وهي كلاليب الشَّهوات والشُّبهات، ولا يضرُّه ما تعلَّق به بعدها.


(١) ع: «ضرَّك».
(٢) بتقدير همزة الاستفهام، وهي مثبتة في ع. وفي م، ش: «كيف يكون»، زيادة تفسد المعنى.
(٣) ذكره المؤلف في «عدة الصابرين» (ص ٥١٠). وهو في «طبقات الحنابلة» عن الخلَّال أنه بلغه ذلك عن الإمام، ولفظه: «ومعه مائة دينار». تنبيه: سقطت كلمة «مائة» من طبعتي الفقي (٢/ ١٤) والعثيمين (٣/ ٢٦)، واستدركتها من مخطوطتين للكتاب (نسخة يني جامع بتركيا، ونسخة كتابخانه مجلس شورى بإيران).
وأسنده الخلال في رسالة «الحث على التجارة» (١٩) عن سفيان بن عيينة من قوله، ولفظه: «مائة دينار» أيضًا، وزاد: «ولا يكره الموت لفراقها».
(٤) زِيد بعده في ع: «وقيل لسفيان الثوري: أيكون ذو المال زاهدًا؟ قال: نعم، إن كان إذا زيد في ماله شكر، وإذا نقص شكر وصبر». وهو في «حلية الأولياء» (٦/ ٣٨٧ - ٣٨٨) بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>