للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله سبحانه يُحِبُّ تذلُّلَ عبيده بين يديه، وسؤالَهم إيّاه، وطلَبهم حوائجهم منه، وشكواهم منه إليه، وعياذَهم به منه، وفرارَهم منه إليه. كما قيل (١):

قالوا أتشكو إليه ... ما ليس (٢) يَخفى عليه

فقلتُ ربِّيَ يَرضى ... ذُلَّ العبيدِ لديه

وقال الإمام أحمد - رحمه الله - (٣): حدّثنا عبد الوهّاب عن إسحاق عن مُطرِّف قال: تذكَّرتُ ما جماع الخير؟ فإذا الخير كثيرٌ: الصِّيام والصّلاة، وإذا هو في يد الله تعالى. وإذا أنت لا تَقدِر على ما في يد الله إلّا أن تسألَه فيُعطِيك، فإذًا جماعُ الخير الدُّعاء.

وفي هذا المقام غلِطَ طائفتان من النّاس:

طائفةٌ ظنَّتْ أنّ القدر السّابق يجعل الدُّعاء عديم الفائدة.

قالوا: فإنّ المطلوب إن كان قد قُدِّر فلا بدَّ من وصوله، دعا العبد أو لم يدعُ، وإن لم يُقدَّرْ فلا سبيلَ إلى حصوله، دعا أو لم يدعُ.

ولمّا رأوا الكتاب والسُّنّة والآثار قد تظاهرت بالدُّعاء وفضله، والحثِّ عليه وطلبه، قالوا: هو عبوديّةٌ محضةٌ، لا تأثير له في المطلوب البتّةَ، وإنّما تعبّدنا الله به، وله أن يتعبد عباده بما شاء كيف شاء.


(١) ذكرهما المؤلف في «عدة الصابرين» (ص ٦٣)، والمنبجي في «تسلية أهل المصائب» (ص ٢١٩).
(٢) د: «ما لا».
(٣) في كتاب «الزهد» (١٣٥٩) له.

<<  <  ج: ص:  >  >>