للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عالم بأيام العرب وأيام النَّاس، أي بالوقائع التي كانت في تلك الأيام. فمعرفة هذه الأيام توجب للعبد الاستبصار للعبرة (١)، وبحسب معرفته بها تكون عبرته وعظته، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: ١١١].

ولا يتمُّ ذلك إلا بـ (السلامة من الأغراض) وهي: متابعة الهوى والانقياد لداعي النفس الأمَّارة (٢)؛ فإنّ اتِّباع الهوى يطمس نور العقل، ويعمي بصيرة القلب، ويصدُّ عن اتِّباع الحقِّ، ويضلُّ عن الطريق (٣) المستقيم، فلا تحصل بصيرة العبرة معه البتَّة. والعبد إذا اتَّبع هواه فسد رأيه ونظره، فأَرَتْه نفسُه الحسن في صورة القبيح، والقبيحَ في صورة الحسن، فالتبس عليه الحقُّ بالباطل، فأنَّى له الانتفاع بالتّذكُّر، أو بالتّفكُّر، أو بالعظة؟

فصل (٤) (وإنَّما تُجتنى ثمرة الفكرة بثلاثة أشياء: بقصر الأمل، والتّأمُّل في القرآن، وقلَّة الخلطة والتمنِّي والتعلُّق بغير الله والشِّبع والمنام).

يعني أنَّ في منزل التذكُّر تُجتنى ثمرة الفكرة لأنه أعلى منها، وكلُّ مقامٍ تجتنى ثمرته في الذي هو أعلى منه، ولاسيَّما على ما قرَّره في خطبة كتابه (٥):


(١) ع: «للعِبَر».
(٢) في ع زيادة: «بالسوء».
(٣) م، ش: «الصراط».
(٤) أُلحق في هامش ش: «قال صاحب المنازل». والنص منه (ص ١٥).
(٥) (ص ٣)، ولفظه: «إن العبد لا يصح له مقام حتى يرتفع عنه، ثم يُشرف عليه فيصححه».

<<  <  ج: ص:  >  >>