للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو باطلًا، وتَكِلُ سريرتَه إلى الله تعالى، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنافقين الذين تخلَّفوا عنه في الغزو، فلمّا قدم جاؤوه يعتذرون إليه، فقبلَ أعذارهم، ووَكَلَ سرائرَهم إلى الله تعالى.

وعلامة الكرم والتّواضع: أنّك إذا رأيتَ الخلل في عذره لا تُوقِفه عليه ولا تُحاجُّه. وقُلْ (١): يمكن أن يكون الأمر كما تقول، ولو قُضِي شيءٌ لكان، والمقدور لا مدفعَ له، ونحو ذلك.

فصل

قال (٢): (الدّرجة الثّالثة: أن تَتَّضِع للحقِّ، فتنزلَ عن رأيك وعوائدك في الخدمة، ورؤيةِ حقِّك في الصُّحبة، وعن رسْمِك في المشاهدة).

يقول: أن (٣) تخدِمَ الحقّ سبحانه، وتعبدَه بما أمرك به على مقتضى أمره، لأجلِ أنه أمره لا على ما تراه من رأيك. ولا يكون الباعث لك داعي العادة، كما هو باعثُ من لا بصيرةَ له، غير أنّه اعتاد أمرًا فجرى عليه، ولو اعتاد ضدَّه لكان كذلك.

وحاصله: أنّه (٤) لا يكون باعثُه على العبوديّة مجرّد رأيٍ، وموافقة هوًى ومحبّةٍ، ولا عادةٍ. بل الباعث مجرّد الأمر، والرّأي والمحبّة والهوى والعوائد منفِّذةٌ تابعةٌ، لا أنّها مُطاعةٌ باعثةٌ. وهذه نكتةٌ لا يتنبّه لها إلّا أهل البصائر.


(١) ش، د: «وقد».
(٢) «المنازل» (ص ٤٧).
(٣) ل: «بأن».
(٤) د: «أن».

<<  <  ج: ص:  >  >>