للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صاحب «المنازل» (١): (البسط: أن يُرسِل شواهد العبد في مدارج العلم، ويُسبِل على باطنه رداء الاختصاص، وهم أهل التلبيس. وإنَّما بُسطوا في ميدان البسط لأحد (٢) ثلاث معانٍ، لكلِّ معنًى طائفة).

يريد: أنَّ البسط إرسال ظواهر العبد وأعماله على مقتضى العلم، ويكون باطنه معمورًا بالمراقبة والمحبَّة والأنس بالله، فيكون جماله في ظاهره وباطنه، فظاهره قد أُلبس الجمال بموجب العلم، وباطنه قد اكتسى (٣) الجمال بالمحبَّة والرجاء والخوف والمراقبة والأنس، فالأعمال الظاهرة له دثارٌ، والأحوال الباطنة له شعارٌ. فلا حالُه ينقص عليه ظاهر حكم، ولا علمه يقطع عليه وارد حالٍ.

وقد جمع سبحانه بين الجمالين ــ أعني: جمال الظاهر والباطن ــ في غير موضعٍ من كتابه:

منها قوله: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: ٢٦].

ومنها قوله في نساء الجنّة: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ} [الرحمن: ٧٠] فهنّ حسان الوجوه، خيرات (٤) الأخلاق.


(١) (ص ٩٦).
(٢) هكذا في نسخةٍ كما في هامش ر، وهو الذي في مطبوعة «المنازل» وشرحي التلمساني (ص ٥٣٤) والقاساني (ص ٥٣٧، ٥٣٨). وفي النسخ: «بعد»، والظاهر أنه تحريف.
(٣) ت: «ألبس».
(٤) ش، د: «خير».

<<  <  ج: ص:  >  >>