للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفطرِه وصيامه، له شأنٌ وللنّاس شأنٌ، هو في وادٍ وهم في وادٍ.

خليليَّ لا واللهِ ما أنا منكما ... إذا عَلَمٌ من آلِ ليلى بَدَا ليا (١)

والمقصود: أنّ العيان والكشف والمشاهدة في هذه الدّار إنّما يقع على الشّواهد والأمثلة العلميّة، وهو المثل الأعلى الذي ذكره سبحانه في ثلاثة مواضع من كتابه: في سورة النّحل والرُّوم وسورة الشُّورى، وهو ما يقوم بقلوب عابديه ومحبِّيه والمنيبين إليه من هذا الشّاهد، وهو الباعث لهم على العبادة والمحبّة والخشية (٢) والإنابة، وتفاوتُهم فيه لا ينحصر طرفاه، كلٌّ منهم له مقامٌ معلومٌ لا يتعدّاه. وأعظمُ النّاس حظًّا في ذلك معترفٌ بأنّه لا يُحصِي ثناءً عليه سبحانه، وأنّه فوقَ ما يُثنِي عليه المُثْنُون، وفوق ما يَحْمَدُه به الحامدون.

وما بلغَ المُهْدُونَ نحوَك مِدحةً ... وإن أَطْنبوا إلَّا الذي فيك أعظمُ

لك الحمدُ كلُّ الحمدِ لا مبدأٌ له ... ولا مُنتهى والله بالحمد أعلمُ (٣)

وطهارة القلب ونزاهتُه من الأوصاف المذمومة والإراداتِ السُّفليّة، وخلوُّه وتفريغُه من التّعلُّق بغيرِ الله سبحانه، هو كرسيُّ هذا الشّاهد (٤) الذي


(١) البيت للمجنون في «ديوانه» (ص ٢٩٨).
(٢) «والخشية» ليست في ش.
(٣) أولهما بقافية (أفضلُ) من قصيدة للخنساء في «ديوانها» (ص ٣٢٠)، ونُسب في «الزهرة» (٢/ ٥٧٩) إلى معن بن أوس، وفي «المصون» (ص ٢١) إلى أوس بن مغراء. ولعل المصنف ضمَّنه شعره بعد تبديل القافية.
(٤) ت: «الشأن».

<<  <  ج: ص:  >  >>