للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومكروهٍ له، فالطاعات والتوحيد أسبابٌ محبوبةٌ له، موصلةٌ إلى الإحسان والثواب المحبوب له أيضًا؛ والشِّرك والمعاصي أسبابٌ مسخوطةٌ له، موصلةٌ إلى العدل المحبوب له، وإن كان الفضل أحبَّ إليه من العدل فاجتماع الفضل والعدل أحبُّ إليه من انفراد أحدهما، لما فيهما من كمال الملك والحمد وتنوُّع الثّناء وكمال القدرة.

فإن قيل: كان يمكن حصول هذا المحبوب من غير توسُّط المكروه.

قيل: هذا سؤالٌ باطلٌ، لأنّ وجود الملزوم (١) بدون لازمه ممتنعٌ، والذي يقدِّر الذِّهن وجودَه شيءٌ آخر غير هذا المطلوب المحبوب للربِّ تعالى، وحكم الذِّهن عليه بأنّه محبوبٌ للربِّ حكمٌ بلا علمٍ، بل قد يكون مبغوضًا للرّبِّ تعالى لمنافاته حكمته، فإذا حكم الذِّهن عليه بأنّه محبوبٌ له كان نسبةً له إلى ما لا يليق به ويتعالى عنه. فليُعطِ اللَّبيب هذا الموضع حقَّه من التّأمُّل، فإنّه مزلَّة أقدامٍ ومضلَّة أفهامٍ، ولو أمسك عن الكلام من لا يعلم لقلَّ الخلاف.

وهذا المشهد أجلُّ من أن يحيط به كتاب، أو يستوعبه خطاب، وإنَّما أشرنا منه إلى أدنى إشارةٍ تُطلع على ما وراءها، والله الموفِّق المعين.

فصل

المشهد التاسع: مشهد زيادة الإيمان وتعدُّد (٢) شواهده. وهذا (٣) من ألطف المشاهد وأخصِّها بأهل المعرفة، ولعلَّ سامعه يبادر إلى إنكاره،


(١) ج، ن: «الملتزم».
(٢) م: «تعداد».
(٣) ش: «وهو».

<<  <  ج: ص:  >  >>