للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول: كيف نشهد (١) زيادة الإيمان من الذُّنوب والمعاصي، ولا سيَّما مِن ذنوب العبد ومعاصيه؟ وهل ذلك إلَّا منقص الإيمان (٢)، فإنّه بإجماع السّلف يزيد بالطّاعة وينقص بالمعصية.

فاعلم أنّ هذا حاصلٌ من التفات العارف إلى الذُّنوب والمعاصي منه ومن غيره وإلى ترتُّب آثارها عليها، وترتُّبُ هذه الآثار عليها (٣) عَلَمٌ من أعلام النُّبوَّة، وبرهانٌ من براهين صدق الرُّسل وصحَّة ما جاؤوا به، فإنَّ الرُّسل صلوات الله وسلامه عليهم أمروا العباد بما فيه صلاح ظواهرهم وبواطنهم في معاشهم ومعادهم، ونهوهم عمَّا فيه فساد ظواهرهم وبواطنهم في المعاش والمعاد، وأخبروهم عن الله سبحانه أنّه يحبُّ كذا وكذا ويُثيب عليه كذا وكذا، وأنّه يبغض كيت وكيت ويعاقب عليه بكيت وكيت، وأنّه إذا أطيع بما أَمَر به شكر عليه بالإمداد والزِّيادة والنِّعم في القلوب والأبدان والأموال، ووجد العبدُ زيادته وقوَّته (٤) في حاله كلِّها، وأنّه إذا خولف أمرُه ونهيه ترتَّب عليه من النّقص والفساد والضّعف والذُّلِّ والمهانة والحقارة وضيق العيش وتنكُّد الحياة ما ترتّب، كما قال تعالى: {يَعْمَلُونَ (٩٦) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا} [النحل: ٩٧]، وقال تعالى: {(٩) قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ} [الزمر: ١٠]، وقال تعالى: {لِلَّذِينَ


(١) كذا ضبط في الأصل ول. وفي ش، ن: «تُشهَد».
(٢) ش، م، ع: «للإيمان».
(٣) «عليها» ساقطة من ل.
(٤) ج، ن: «زيادةً وقوة».

<<  <  ج: ص:  >  >>