للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ} (١) [النحل: ٣٠]، وقال تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} [هود: ٣].

وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: ١٢٤] وفسِّرت المعيشة الضّنك بعذاب القبر، والصَّحيح أنّها في الدُّنيا وفي البرزخ، فإنّ من أعرض عن ذكره الذي أنزله فله من ضيق الصّدر، ونكد العيش، وكثرة الخوف، وشدّة الحرص والتعب على الدُّنيا، والتحسُّر على فواتها قبل حصولها وبعد حصولها، والآلام التي في خلال ذلك = ما لا يشعر به القلب لسَكرته وانغماسه في السُّكر (٢)، فهو لا يصحو ساعةً إلَّا شعر (٣) بهذا الألم فبادر إلى إزالته بسكرٍ ثانٍ، فهو هكذا مدَّة حياته، وأيُّ معيشة أضيق من هذه لو كان للقلب شعورٌ؟

فقلوب أهل البدع، والمعرضين عن القرآن، وأهل الغفلة عن الله، وأهل المعاصي في جحيمٍ قبل الجحيم الكبرى (٤)، وقلوب الأبرار في نعيمٍ قبل النعيم الأكبر؛ {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: ١٣ - ١٤]. هذا في دورهم الثلاثة، ليس مختصًّا بالدّار الآخرة، وإن كان تمامه وكماله


(١) هذه الآية لم ترد في ش، وفي سائر النسخ تداخلت مع الآية السابقة حيث ورد (ولدار الآخرة خير) متصلًا بالآية السابقة، ثم أصلح في الأصل ول كما أُثبت.
(٢) ل: «المسكر»، ورسمه في الأصل محتمل. والمثبت موافق لسائر النسخ.
(٣) ع: «أحسَّ وشعر».
(٤) ج: «الأكبر».

<<  <  ج: ص:  >  >>