أنس الكشف والحضور، فصاحب الحال لا يلتفت إلى العلم (١) = فباطلٌ. فإنّ العلم شرطٌ في الحال يستحيل معرفة صحّته بدون العلم.
نعم، لا ننكِر حصوله بدون العلم، لكنّ صاحبه على غير بصيرةٍ ولا وثوقٍ به.
و (شَيْمُ بَرقِ الكشف) هو النّظر إليه على بعدٍ، فإنّ صاحب الحال عاملٌ على شَيْم برق الكشف، لأنّ شَيْم برق الكشف يوجب نورًا يأنس به القلب، فعزيمة صاحبه على استدامته وحفظه.
وأمّا (الإجابة لإماتة الهوى)، فهو أنّ السّالك إذا أشرفَ على الكشف أحسّ بحالةٍ شبيهةٍ بالموت، حتّى إنّ منهم من يسقط إلى الأرض ويظنُّ ذلك موتًا. وهذه الحال من مبادئ الفناء، فتهوى نفسُه العودَ إلى الحجاب خوفًا من الانعدام، لما جُبِلتْ عليه النّفس البشريّة من كراهة الموت. فإذا حصل العزم أُمِيتَ هذا الهوى، ولم يلتفت إليه، رغبةً فيما يطلبه من الفناء في الفردانيّة، فإنّ الحقيقة لا تبدُو إلّا بعد فناء البشريّة.
وهذا الذي قاله حقٌّ، لا يُنكِره إلّا من لم يذُقْه. وإنّما الكلام في مرتبته، وأنّه غايةٌ أو توسُّطٌ، أو لازمٌ أو عارضٌ؟
فشيخنا - رحمه الله - كان يرى أنّه عارضٌ من عوارض الطّريق لا يَعرِض للكُمَّل، ومن السّالكين من لم يَعرِض له البتّةَ.