للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: منزلة التّعظيم.

وهذه المنزلة تابعةٌ للمعرفة. فعلى قدر المعرفة يكون تعظيم الرّبِّ تعالى في القلب، وأعرفُ النّاس به أشدُّهم له تعظيمًا وإجلالًا. وقد ذمّ الله من لم يُعظِّمه حقَّ عظمته، ولا عرفوه حقَّ معرفته، ولا وصفوه حقَّ صفته. وأقوالهم تدور على هذا.

وقال تعالى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: ١٣]. قال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ: لا ترجون لله عظمةً. وقال سعيد بن جبيرٍ: ما لكم لا تعظِّمون الله حقّ عظمته؟ وقال الكلبيُّ: لا تخافون لله عظمةً (١).

قال البغويُّ - رحمه الله - (٢): والرّجاء بمعنى الخوف. والوقار: العظمة، اسمٌ من التّوقير، وهو التّعظيم. وقال الحسن: لا يعرفون لله حقًّا، ولا يشكرون له نعمةً. وقال ابن كيسان - رحمه الله -: لا ترجون في عبادة الله أن يثيبكم على توقيركم إيّاه خيرًا.

وروحُ العبادة هو الإجلال والمحبّة، فإذا خَلا أحدهما عن الآخر فسدت العبودية. فإذا اقترن بهذين الثّناءُ على المحبوب المعظّم فذلك حقيقة الحمد.


(١) نقل المؤلف هذه الأقوال من «تفسير البغوي» (٤/ ٣٩٨). وانظر: «الدر المنثور» (١٤/ ٧٠٧، ٧٠٨)، و «زاد المسير» (٨/ ٣٧٠).
(٢) في «تفسيره» (٤/ ٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>