للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١): (وهو السّير (٢) مع الجبلّة)، أي المشي مع ما جَبلَ الله عليه العبد من الأخلاق من غير تكلُّفٍ.

قال (٣): (وهو على ثلاث درجاتٍ: الدّرجة الأولى: الانبساط مع الخلق، وهو أن لا تعتزلَهم ضَنًّا على نفسك، أو شُحًّا على حظِّك، وتسترسل لهم في فضلك، وتَسَعهم بخُلقك، وتَدَعهم يَطَؤونك، والعلم قائمٌ، وشهود المعنى دائمٌ).

يريد: لا تبخل عليهم بنفسك، فيحملك ذلك البخل على اعتزالهم، وتَشِحَّ بحظِّك في الخلوة وراحةِ العزلة: أن تذهب بمخالطتهم، بل تَحملك السّماحة والجود والبذل على أن تترك ذلك لراحة إخوانك بك، وانتفاعهم بمجالستك، فتتكرَّم عليهم بحظِّك في عزلتك وخلوتك، وتُؤثِرهم به على نفسك.

وهذا من الفتوّة والمروءة والتّخلُّق، وضدٌّ من أضدادها.

وقوله: (وتسترسل لهم في فضلك).

يعني: إذا استرسلتَ معهم، ولم تَجذِبْ عنهم عِنانك= نالوا من فضلك، فيكون استرسالك سببًا لنيلهم الفضل، وقبضُ العِنان سببًا للحرمان.

(وتَسَعُهم بخُلقك) في احتمال ما يبدو منهم من سوء العشرة، فخُذْ منهم ما أمر الله نبيّه أن يأخذه من أخلاق النّاس، وهو العفو.


(١) «المنازل» (ص ٤٩).
(٢) ل: «المسير».
(٣) «المنازل» (ص ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>