للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبادةُ الله وحده. فإذا شهدوا أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدًا رسول الله، فأخبِرْهم أنَّ الله قد فرض عليهم خمسَ صلواتٍ في اليوم واللّيلة» (١)، وذكَر الحديث. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أُمِرْتُ أن أقاتل النّاس حتّى يشهدوا أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدًا رسول الله» (٢).

ولهذا كان الصحيح أنَّ أوّلَ واجبٍ يجب على المكلَّف: شهادة أن لا إله إلّا الله، لا النَّظرُ، ولا القصدُ إلى النظر، ولا الشَّكُّ، كما هي أقوالٌ لأرباب الكلام المذموم (٣).

فالتَّوحيد: أوّلُ ما يدخل به في الإسلام وآخِرُ ما يخرج به من الدُّنيا، كما قال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «من كان آخر كلامه: لا إله إلّا الله؛ دخل الجنّة» (٤). فهو أوّل واجبٍ وآخر واجبٍ. فالتّوحيد: أوّل الأمر وآخره.

قوله: (التوحيد: تنزيه الله عن الحدث). هذا الحدُّ لا يدلُّ على التّوحيد الذي بعث الله به رسلَه وأنزل به كتبَه، وينجو به العبدُ من النّار ويدخل به الجنّة ويخرج من الشِّرك، فإنّه مشتركٌ بين جميع الفِرَق. وكلُّ من أقرَّ بوجود الخالق سبحانه أقرَّ به، فعبَّادُ الأصنام والمجوسُ والنّصارى واليهودُ والمشركون ــ على اختلاف نِحَلِهم ــ كلُّهم ينزِّهون الله عن الحدَث، ويُثبتون


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٢٥) ومسلم (٢٢) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.
(٣) انظر ما تقدَّم في منزلة العزم في المجلد الأول (ص ٢٠٧).
(٤) أخرجه أحمد (٢٢٠٣٤، ٢٢١٢٧) وأبو داود (٣١١٦) وغيرهما من حديث معاذ بن جبل. وفي إسناده صالح بن أبي عَريب وهو مجهول. ويُغني عنه في الاستشهاد هنا حديثُ أبي سعيد الخدري عند مسلم (٩١٦) بلفظ: «لقِّنوا موتاكم: لا إله إلا الله».

<<  <  ج: ص:  >  >>