للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بعض السلف يصلِّي في اليوم والليلة أربعمائة ركعةٍ، ثمَّ يقبض على لحيته ويهزُّها ويقول: يا مأوى كلِّ سوءٍ، وهل رضيتُك لله طرفة عينٍ؟! (١).

وقال بعضهم: آفة العبد رضاه عن نفسه (٢). ومن نظر إلى نفسه باستحسان شيءٍ منها فقد أهلكها، ومن لم يتَّهم نفسه على دوام الأوقات فهو مغرور (٣).

فصل

قال (٤): (الدرجة الثانية: الخجل من العمل مع بذل المجهود، وتوفير الجهد بالاحتماء من الشُّهود، ورؤية العمل في نور التوفيق من عين الجود).

هذه ثلاثة أمور:

خجله من عمله: وهو شدَّة حيائه من الله، إذ لم يَرَ ذلك العمل صالحًا له، مع بذل مجهوده فيه. قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: ٦٠]، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «هو الرجل يصوم ويصلِّي


(١) روي ذلك عن كَهْمَس بن الحسن البصري، العابد الثقة من صغار التابعين (ت ١٤٩). أسنده عنه أبو نعيم في «الحلية» (٦/ ٢١١) ولفظه: ألف ركعة.
(٢) قاله إسماعيل بن نُجيد السُّلمي النيسابوري، شيخ عصره ومسنده مصره (ت ٣٦٥)، وهو جدُّ أبي عبد الرحمن السلمي. وقد أسند قوله البيهقي في «الزهد الكبير» (٣٣٢) والقشيري (ص ٣٩٢) عن أبي عبد الرحمن قال سمعت جدِّي يقول.
(٣) قاله أبو حفص الحدَّاد، كما في «القشيرية» (ص ٣٩٠).
(٤) «المنازل» (ص ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>