للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ذكرَتْه النفسُ زال عناؤها ... وزال عن القلب المُعنَّى قَتامُهُ (١)

فهنالك يحضره الندم والتوبة والإنابة، فإنَّه كان في المعصية بنفسه، محجوبًا فيها عن ربِّه وعن طاعته، فلمَّا فارق ذلك الوجود، وصار في وجودٍ آخر= بقي بربِّه لا بنفسه.

وإذا عرف هذا، فالتوبة والندم يكون في هذا الوجود الذي هو فيه بربِّه. وذلك لا ينافي مشهد الحكمة والقيُّوميَّة، بل يجامعه ويستمدُّ منه. وبالله التوفيق.

قوله (٢): (ويصحُّ بثلاث شرائط: باستواء الحالات عند العبد (٣)، وسقوط الخصومة مع الخلق، وبالخلاص من المسألة والإلحاح).

يعني: أنَّ الرِّضا عن الله إنَّما يتحقَّق بهذه الأمور الثلاثة، فإنَّ الراضي الموافق تستوي عنده الحالات من النِّعمة والبليَّة في رضاه بحسن اختيار الله له. وليس المراد استواؤها عنده في ملاءمته ومنافرته، فإنَّ هذا خلاف الطبع البشريِّ، بل الحيوانيِّ (٤). وليس المراد أيضًا استواء الحالات عنده في الطاعة والمعصية، فإنَّ هذا منافٍ للعبوديَّة من كلِّ وجهٍ.


(١) نسبها ابنُ عجيبة في «شرح الحكم» (ص ٥١٣) إلى ابن العَرِيف الصنهاجي. وذكر ابن العربي الأربعة الأولى في «الفتوحات» (٣/ ٢١٤ - ٢١٥) بلا نسبة. ونُسب البيتان الأولان إلى الحلاج، ولا يصح. انظر «شرح ديوان الحلاج» لكامل الشيبي (ص ٤٨٤).
(٢) «المنازل» (ص ٤٠)، والكلام عن الدرجة الثانية: الرضا عن الله عز وجل.
(٣) ش: «عند العجز»، تحريف. ثم زيد في الهامش مصححًا عليه: «والقدرة»، وهو رمٌّ على فساد!
(٤) «ليس المراد ... » إلى هنا سقط من ش. وفي ع: «بل وخلاف الطبع الحيواني».

<<  <  ج: ص:  >  >>