للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضول الكلام (١).

والمباح: النّظر الذي لا مضرّة فيه في العاجل ولا الآجل، ولا منفعة.

ومن النّظر الحرام: النّظرُ إلى العورات، وهي قسمان: عورةٌ وراء الثِّياب، وعورةٌ وراء الأبواب.

ولو نظر في العورة التي وراء الأبواب، فرماه صاحبُ العورة، ففقأ عينه= لم يكن عليه شيءٌ، وذهبت هدرًا بنصِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتَّفَقِ على صحّته (٢)، وإن ضمَّنَه بعضُ الفقهاء لكونه لم يبلغه النّصُّ أو تأوَّلَه (٣). هذا إذا لم يكن للنّاظر سببٌ يباح النّظر لأجله، كعورةٍ له هناك ينظرها، أو ريبةٍ هو مأمورٌ أو مأذونٌ له في اطِّلاعها.

وأمّا الذَّوق الواجب، فتناولُ الطَّعام والشَّراب عند الاضطرار إليه وخوف الموت، فإن تركه حتّى مات، مات عاصيًا قاتلًا لنفسه. قال الإمام أحمد (٤) وطاوس (٥) - رضي الله عنهما -: من اضطُرَّ إلى أكل الميتة، فلم يأكل حتّى


(١) من كلام داود بن نصير الطائي، ذكره القشيري في ترجمته في "الرسالة" (ص ١٢٣). وهنا حاشية في م، ش نصُّها: "ومن النظر المكروه: النظر إلى الظَلَمة في مواكبهم ومجامعهم الدنيوية وما زخرفوه من البنيان ونحو ذلك. نصَّ على ذلك الإمام أحمد وسفيان الثوري".
(٢) أخرجه البخاري (٦٨٨٨) ومسلم (٢١٥٨) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) انظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بطال (٨/ ٥٤٦).
(٤) في رواية الأثرم عنه كما في "المغني" (١٣/ ٣٣١): "سئل أبو عبد الله ... فذكر قول مسروق: من اضطُرَّ فلم يأكل ... النار".
(٥) كذا وقع هنا وفي "عدَّة الصابرين" (ص ٥٤). والظاهر أنه وهم، والصواب: "مسروق" كما ذكر المصنف في "روضة المحبين" (ص ٢٠٥) وكما سيأتي في منزلة التوبة (ص ٥٦٩). وهو الذي ذكر قوله أحمد في رواية الأثرم. وانظر: "زاد المسير" (١/ ١٧٦). وقد أخرج قوله عبد الرزاق (١٠/ ٤١٣) وذكره الثعلبي (٢/ ٤٦) وغيره. وانظر: "مجموع الفتاوى" (١٨/ ١٢)، (٢١/ ٥٦٣)، (٢٤/ ٢٦٩)، (٢٦/ ١٨١) و"جامع المسائل" (٤/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>